لا يخفى. فإذا كان الإنسان لا يقدر على العدل بينهن يلزمه الاقتصار على واحدة؛ لأن غير العدل جور والجور لا يُؤذن فيه في الشرع الكريم، أو ما ملكت يمينه من الإماء، وقد نص الله على هذا بقوله: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي الْيَتَامَى فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُواْ (3)} [النساء: آية 3] أي: لا تجوروا في الحقوق. وكونه (جل وعلا) أباح للرجل جمع أربعة وحرم عليه الخامسة فما فوقها، وجعل ذلك بشرط العدل، هذا تشريع الحكيم الخبير، تشريع خالق السماوات والأرض، الذي هو أعلم بالمصالح، وأعلم من خلقه؛ لأن الأربع وسط بين القلة والكثرة، فهي دون الكثرة التي هي مَظِنَّة عدم القدرة على القيام بلوازم الجميع، وهي فوق القلة التي هي مَظِنَّة تعطل بعض حقوق الرجل كما سيأتي إيضاحه.

والله (جل وعلا) أباح تعدد الزوجات لمصلحة نفس المرأة، ومصلحة نفس الرجل، ومصلحة نفس أمتهما، فتحت ذلك مصالح عظيمة لا ينكرها إلا من طمس الله بصيرته. ففيه مصلحة المرأة من جهات عديدة منها: أن الله (جل وعلا) أجرى عادته أن عدد النساء في أقطار الدنيا على مر العصور أكثر من الرجال؛ لأن الرجال أقل من النساء، وأكثر تعرضًا لأسباب الموت، فلا تجد محلاً إلا ونساؤه أكثر من رجاله، كما أجرى الله العادة بذلك، وقد جاءت الأحاديث عنه صلى الله عليه وسلم أن النساء سيكثرن جدًّا، وأن الرجال سيقلون جدًّا (?)، ولما كانت عادة الله أن جعل عَدَد الرِّجَالَ في أقطار الدنيا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015