كانت في بيتها تخدم زوجها وأولادها ومجتمعها على أكمل الوجوه وأتمها، في صيانة وستر، ومحافظة على الشرف والفضائل، ومرضاة لخالق هذا الكون، يحسدهم الشيطان على هذا، ويغضبه هذا التعاون الكريم النزيه، فيقول لأوليائه أن يقولوا للمرأة: أنت محبوسة في البيت، أنت مجرمة، أنت دجاجة، فلك أن تخرجي وتشمِّي الهواء، وتفعلي كما يفعل الرجل!! وهذا خديعة لها وغرور للمسكينة الجاهلة؛ لأنها تخرج من حيائها وسترها وخدمة بيتها، فإذا خرجت تكدح في الحياة مع الرجل عَرَّضت جمالها لأعين الخائنين؛ لأن المرأة هي أعظم شيء يَتَعَرَّضُ لخيانة الخائنين؛ لأن العين الفاجرة الخائنة إذا نظرت في جمالها استغلَّتْ ذَلِكَ الجَمَالَ والنِّعْمَة الإلهية مَكْرًا
وغَدْرًا وجناية على الشرف والفضيلة وعلى الإنسانية، وإذا مَسَّهَا وَاحِد -مس بدنها في الزحام- بدعوى أنها تخرج باسم التقدم والحضارة والمدنية. وما هذه إلا ألفاظ جوفاء خبيثة كلبة خنزيرة يراد بها ضياع الشرف والفضيلة -والعياذ بالله- فإذا خرجت بَقِيَتْ جميع خدمات البيت ضائعة، بقي الرضيع من الأولاد ليس عنده من يرضعه، والمريض ليس عنده من يمرِّضُه، وليس هناك مَنْ يُهَيِّئ طعامًا لهم إذا جاءوا، فلو قدرنا أنهم أجَّرُوا إنسانًا ليجلس مكان المرأة كان هذا الإنسان الأجير هو الذي يأكل عَلْقَة الدجاج والحبس، صار هو المحبوس في البيت ولا ذنب له، وإنما حُبس هذا لتخرج المرأة وتضيع شرفها وفضيلتها وكرامتها، والمرأة إذا ضَاعَ شَرَفُهَا وفضيلتها وكرامتها وصارت مائدة لعيون الخونة فإنها لا خَيْرَ لها في الحياة، فبطن الأرض خير لها من ظهرها ولا شك في ذلك.