اللازم أن يكون هذا القوي في خلقته الكامل في طبيعته، قائمًا على ذلك الضعيف بجبِلَّته ليوصل له ما يعجز عن إيصاله من النفع لنفسه، ويدفع عنه ما يعجز عن دفعه من الضرّ عن نفسه، وهذا هو الأمر الكوني القدري المُعَضَّد بنور السماء {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء} إنما جعل الرجال قوَّامين على النساء؛ لأن كمال الرجال بذكورتهم وقوتهم الطبيعية جعلتهم يقومون على النساء لضعفهن الخلقي الجِبِلِّي كما قال: {بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ} [النساء: آية 34] فلما اقتضت طبيعة قوة الرجل وكمال ذكورته أن يكون قائمًا على الأُنثى، واقتضى ضعف الأُنثى الخلقي، وعدم استقلالها في نشأتها، وتبعية وجودها في نشأتها لوجود الرجل، وعدم استغنائها عنه اقتضى ذلك أن يكون هذا الكامل القوي قائمًا على هذا الضعيف في خلقته ليدفع عنه ما لا يقدر على دفعه من أنواع الضر، ويجلب له ما لا يقدر على جلبه من أنواع النفع وصار الرجال قوَّامين على النساء، ومن هنا صار الرجل يترقب النقص دائمًا؛ لأنه ينفق على نسائه، ويدفع لهن المهور، فهو يترقب النقصان دائمًا، والمرأة بحال طبيعتها ونقصها الجِبِلِّي تترقب الزيادة دائمًا، فإن المرأة تترقب رجلاً يدفع لها مهرًا ضخمًا ويقوم بلوازمها في الحياة من مطعم ومشرب ومأكل وملبس إلى غير ذلك، فالمرأة تَتَرَقَّبُ الزيادة والأخذ دائمًا، والرجل يَتَرَقَّبُ النقصان والغرم دائمًا، والميراث ما تَعِبَا فيه، ولا مسحا فيه عرقًا، مَلَّكَهُمَا اللهُ إيَّاه ملكًا جبريًّا بحكمته وفضله، فاقتضت حكمة الخبير الحكيم
العليم أن يُؤثر مترقب النقص دائمًا ويكثر نصيبه على مترقب الزيادة دائمًا؛ ليكون في ذلك جبرًا لبعض نقصه المترقب. ولو رأيت أحدًا قد يعطي اثنين شيئًا وأحد