فقوله: «وهن أضعف خلق الله أركانا» مما يجر القلوب إليهن ويزيدهن محبة، وذلك يدل على أن الطبيعة كما ذكرنا، كذلك قال ابن الدمينة فى امرأة لا تقدر أن ترد عن نفسها ما رُميت به من ريبة (?):
بَنَفْسِي وأَهْلي مَنْ إذا عَرَضُوا لَهُ ... لبعضِ الأَذَى لم يَدْرِ كيفَ يُجيبُ ...
وَلمْ يَعْتَذِرْ عُذْْرَ البَريءِ ولم يزلْ ... به سَكْتَةٌ حتى يُقال مُريبُ
فشبب بها بهذا، وهذا الضعف الخلقي الجِبلّي أمر مشاهد لا ينكره العقلاء، فالإفرنج الذين يقولون: إن المرأة كالرجل في جميع الميادين الكذبة الفجرة الخاسئون يجعلون صبغ الحمرة على فم الأنثى ولا يجعلونه على فم الرجل، ألا ترون أنهم يضعون الحمرة على فم الأُنثى ولا يضعونها على فم الرجل!! ما هذا الفرق إلاَّ لفوارق طبيعة جُبل عليها عامة العقلاء حتى الإفرنج الذين عقولهم كعقول البهائم {أُوْلَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ} [الأعراف: آية 179].
فلما كانت الأُنوثة ضعفًا خلقيًّا وعدم كمال جِبلِّي، والذكورة كمال جِبِلِّي وقوة طبيعة خلقية؛ ولذا لا ترى ذكرًا في الدنيا تُثقب آذانه ليُجعل فيها الحلي، ولا يُثقب أنفه، ولا تُجعل له الأساور والحلي ليكمل به؛ لأن شرف ذكورته وكمالها يكفيه عن التزين بالحلي. لما كان هذا النوع من أنواع الإنسان الذي خُلق في مبدأ خلقه مستقلاًّ أقوى وأكمل من هذا النوع الآخر الذي خُلق في مبدأ خلقه وجوده تابعًا لوجود هذا ومستندًا إليه كما أجرى الله عادته وقدره بذلك كان