الحقل المزروع مفعول به بطبيعة الحال وحقيقة الأمر الواقع المحسوس الذي لا يمكن أن ينكره المكابر. ومما يوضح هذا: أن آلة الازدراع -آلة التناسل- هي مع الرجل، فلو قلنا كما يقوله الإفرنج: إنه لا يتركها إلاَّ برضاها، وأن ترضى مفارقته إيَّاها، وصار مكرهًا عليها لا يريدها، فهو زارع مُرْغَم على حقل لا يريد الزراعة فيه، فإنها لو أرادت أن تجامعه لتحصل منه على ولد فأنا أؤكد لكم أنها لا تقدر، ولا ينتشر ذكره، ولا يقوم إليها، ولا تقدر أن تأخذ البذر منه بحال من الأحوال، بخلاف الرجل الذي هو بطبيعة الحال فاعل، والذي هو زارع {نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ} [البقرة: آية 223] فإنه قد يُحبلها وهي كارهة، فتكون في أشدّ التمنع والكراهة ويُرغمها ويقهرها فتحمل. وقد كان العرب يقولون: إن المرأة التي حملت وهي مكرهة على الغَشيان أن ولدها لا يطاق أبدًا، وهو أمر معروف عندهم مشاهد، ومنه قول أبي كبير الهذلي يصف رجلاً لا يطاق؛ لأن أُمَّه حملته شادَّة حزامها ونطاقها غير راضية بالمسيس (?):

ممنْ حَمَلْنَ به وهُنَّ عواقدٌ ... حُبكَ النِّطاقِ فَشَبَّ غير مُهبَّل

حملتْ به في ليلةٍ مَزْؤودَةٍ ... كَرْهًا وعَقْدُ نطاقها لم يُحْللِ

فهذا يُحبلها راغمة كارهة، وهي لا تقدر، فدل على أنه فاعل، وعلى أنها مفعول، والمباينة بين الفاعل والمفعول معروفة، ومن أراد أن يسوي بين الفاعل والمفعول فهو مطموس البصيرة يُنكر القَدَر والأمور الحقيقية المحسوسة كما هو معروف.

وكذلك زعمهم أن تفضيل الرجل على الأنثى في الميراث أنه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015