الخفافيش الذين يزعمون أنهم مسلمون، الذين يقولون: (إن الأُنثى كالرجل في جميع الميادين) يكذبون أولاً في النشأة الأولى والإيجاد الأول، فإنهما عندما أراد الله إيجادهما لمْ يبدأ إيجادهما بالتسوية، بل جعله إيجادًا متفاوتًا متباينًا، فجعل إيجاد هذا مستقلاًّ عن هذا، وجعل إيجاد هذا تابعًا لإيجاد هذا ومستندًا إليه، وهذا التبع الذي هو منشأ الأمر وأصله له لوازم رعاها الشرع (جل وعلا) ورعاها الحسّ والعادة، وهي أمور سنبيّن أطرافًا منها ليعلم الناس أن ما قدَّره الله في كونه وأزله أنه قد يُراعه في شرعه، وأَنَّ مَنْ يُريدُ أنْ يُغالب قدر الله هو المغْلُوب؛ فَالله (جل وعلا) هو خالق هذا الكون، وهو المتصرِّف فيه بما شاء، وهو المميز بين أجْزَائِهِ، والمخالف بين أنْوَاعِه، وما خالف الله بينه منها لا يمكن أحدًا أن يماثله، ومن أراد أن يماثله فإنه مغلوب عاجز لا محالة، كما قال كعب بن مالك في قريش (?):

زعمتْ سَخِينَةُ أن ستغلب ربها ... فليُغلبنَّ مُغالب الغَلاَّبِ

فمن لوازم كون المرأة تابعٌ وجودها لوجود الرجل، ومستند عليه، ليس مستقلاً له: أنه كان الطلاق بيد الرجل لا بيد المرأة، ونسبة الأولاد إلى الرَّجُل لا إلى المرأة، والرجل يُفضل في الميراث على المرأة، والرجل يجمع بين امرأتين وثلاث وأربع، والمرأة لا تجمع بين رجلين ولا ثلاثة، إلى غير ذلك من الفوارق الشرعية، وهي حسية عقلية مستندة إلى فوارق كَوْنِيَّة قدرية جبل الله عليها

طور بواسطة نورين ميديا © 2015