الظاهر أنه (جل وعلا) في هذه الآية خص النذارة والبشارة بخصوص المؤْمِنِينَ؛ لأنهم هم المنتفعون بها، [لأن غير المنتفع بها هي في شأنه كلا شيء. ونظير الآية من القرآن: {فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَن يَخَافُ وَعِيدِ} [ق: آية 45] مع أنه تذكير للأسود والأحمر، {إِنَّمَا تُنذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ} [يس: آية 11] وهو منذر للأسود والأحمر، {إِنَّمَا تُنذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ} [فاطر: آية 118] وهو منذر للأسود والأحمر. أي: بأنهم هم المنتفعون.

وقوله تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا} فالنفس الواحدة هي آدم عليه السلام، وزوجها حواء. و (جعل) تأتي في كلام العرب على أربعة أنحاء، ثلاثة منها في القرآن، والرابع موجود في لغة العرب وليس في القرآن، وهذه المعاني هي:

الأول: (جعل) بمعنى اعْتَقَدَ. وهي تنصب مفعولين أصلهما المبتدأ والخبر. ومنه قوله تعالى: {وَجَعَلُوا الْمَلاَئِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا} [الزخرف: آية 19] أي: اعتقدوا الملائكة إناثًا.

الثاني: (جعل) بمعنى (صَيَّرَ) ومنه قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا} ... أي: صيرنا شياطين الإنس والجن عدوًّا لكل نبي. وهي أيضًا ... ] (?) تنصب المبتدأ والخبر أيضًا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015