بشارة؛ لأن السرور تظهر به حركة الدم فيظهر على بشرة الوجه آثار السرور، وربما أطلقت العرب البشارة على الإخبار بما يسوء، والظاهر أن إطلاق العرب البشارة على الإخبار بما يسوء أسلوب عربي معروف، فما هو مقرر في علم البلاغة (?): أن إطلاق البشارة على الإخبار بما يسوء أنَّه مِنْ نَوْعِ الاسْتِعَارَة التي يُسمونها بالعنادية (?) -ويقسمونها إلى تهكمية وتمليحية- الظاهر أن كل ذلك لا حاجة إليه وإن أطبق عليه المتأخرون؛ لأنها أساليب عربية نَطَقَتْ بِهَا العَرَبُ ونَزَلَ بِهَا القُرْآنُ.
والعَرَبُ تطلق البشارة على الإخبار بما يسوء، ومن هذا المعنى قوله تعالى: {وَيْلٌ لِّكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ (7) يَسْمَعُ آيَاتِ اللَّهِ تُتْلَى عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِرًا كَأَن لَّمْ يَسْمَعْهَا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (8)} [الجاثية: الآيتان 7، 8] وإطلاق البشارة على ما يسوء إطلاق معروف، وأسلوب عربي معروفٌ تَكَلَّمَتْ بِهِ العَرَبُ في لُغَتِهَا، ونزل به القُرْآن، ومنه في كلام العرب قوله (?):
يُبَشِّرُني الغُرابُ بِبَيْنِ أَهْلِي ... فقُلت لهُ ثكِلْتُكَ مِنْ بَشِيرِ
وقول الآخر (?):
وبَشَّرْتني يا سَعْدُ أَنَّ أَحِبَّتي ... جَفَوْنِي وقالوا: الودُّ مَوْعِدُهُ الحَشْرُ
هذا إخبار بما يسوء، وهذا معنى قوله: {إِنْ أَنَاْ إِلاَّ نَذِيرٌ وَبَشير لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} [الأعراف: آية 188].