الثالث: جعل بمعنى (خَلَقَ) (?) ومنه قوله: {الْحَمْدُ لله الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ} [الأنعام: آية 1] أي: خلق الظلمات والنور، بدليل قوله: {خَلَقَ} قبله.

والظاهر أن هذا المعنى هو الذي منه قوله: {خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا} [الأعراف: آية 189] أي: وخلق منها زوجها. وخير ما يُفسر به القرآن القرآن، وقد بينت آية النساء أن (جَعَل) هنا في سورة الأعراف وفي سورة الزمر معناها (خلق) لأن الله قال في أول سورة النساء: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء} [النساء: آية 1] فقوله في النساء: {وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا} دليل قرآنِي على أن قَوْلَهُ في الأعراف: {وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا} وقوله في الزمر: {ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا} [الزمر: آية 6] أن (جعل) فيهما بمعنى (خلق) وهذا هو الأظهر لدلالة القرآن عليه (?).

وقوله: {زَوْجَهَا} يعني: حواء، وقد قدمنا (?) أن امرأة الرجل يُقال لها: (زوجُه) بلا تاء، وهذه هي اللغة الفصحى، وهي لغة القرآن، وشذ قَوْمٌ مِنْ عُلَمَاءِ العَرَبِيَّة فزعموا أن الزوجة بالتاء لحْن، وأنها من كلام الفقهاء المَلْحُون، والتحقيق أن (الزوجة) بالتاء -لامرأة الرجل- أنها لغة لا لحن، إلاَّ أن اللغة المشهورة الفُصْحى أن تقول لامرأة الرجل: هذه زَوجُه. ولو قلت: هذه زوجته.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015