فعل كذا أصابه المرض، فتجنب أسباب الغبن، وأسباب الأمراض، وصار لا يعمل إلاَّ ما فيه خير له لاطلاعه على عواقب الأمور، وهذا معنى قوله: {وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاَسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ}.
وقوله: {وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ} معطوف على جواب (لو) فهو في معنى جواب (لو) أي: ولو كنت أعلم الغيب ما مسني السوء؛ لأَنَّ مَنْ يَعْلَمُ الغَيْبَ ويعلم متى يأتيه السوء وما سببه يتجنب أسباب السوء من أوَّل، فلا يصل إليه السوء، وهذا معنى قوله: {وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاَسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ} فهو أعم من المال كما بيّنا.
{وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَاْ إِلاَّ نَذِيرٌ وَبَشير} يعني: ما أنا مالك لنفسي النفع ولا الضر، ولا أنا عالم بالغيب، كل ذلك إلى ربي، ولكني رسول من رب العالمين أُنذر من عصى الله بعقابه، وأُبشر من أطاع الله برضوانه وجنته، كما قال هنا: {إِنْ أَنَاْ إِلاَّ نَذِيرٌ وَبَشير لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} [الأعراف: آية 188] (إن) هنا هي النافية، والمعنى: ما أنا. وهذا القصر قصر إضافي {إِلاَّ نَذِيرٌ} قد قَدَّمْنَا (?) أن النذير بمعنى المنذر، وأن الإِنْذَار هو الإعلام المقترن بتهديد، فكل إنذار إعلام وليس كل إعلام إنذارًا. ومعنى: (نذير) أي: منذر لمن عصى ربي وكفر به بالنار {وَبَشير} أي: مبشر للمؤمنين بالجنة، كما قال تعالى: {فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنذِرَ بِهِ قَوْمًا لُّدًّا (97)} [مريم: آية 97] ونحو ذلك من الآيات.
والبشارة في لغة العرب أكثر ما تطلق على الإخبار بما يسرّ، فَبَشَّرَه وبَشَرَه معناه: أخْبَرَهُ بما يسره. قال بعض العلماء: قيل لها