وقال بعض العلماء: العِلْمَان ليسا شيئًا واحدًا - أعني قوله: {قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ رَبِّي} وقوله: {إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ اللَّهِ} - قال بعض العلماء (?): أحد العلمين: عِلْم عِظمها وفظاعتها، فلا يُعلمُ قدرها إلاَّ من يجليها لوقتها. [العلم] (?) الثاني: علم وقت مجيئها بالتعيين. والظاهر أنه توكيد، والتوكيد أسلوب عربيٌّ معروف {كَلاَّ سَيَعْلَمُونَ (4) ثُمَّ كَلاَّ سَيَعْلَمُونَ (5)} [النبأ: الآيتان 4، 5] وما جرى مجرى ذلك. وهذا معنى قوله: {قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ اللَّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ} أن الله (جل وعلا) استأثر بعلمها فهو (تعالى) مستأثر بعلمها كما صرح به في آيات متعددة كقوله هنا: {إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ رَبِّي} {قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ اللَّهِ} وقوله في سورة الأحزاب: {يَسْأَلُكَ النَّاسُ عَنِ السَّاعَةِ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ اللَّهِ} [الأحزاب: آية 63] وقوله في النازعات: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا (42) فِيمَ أَنتَ مِن ذِكْرَاهَا (43) إِلَى رَبِّكَ مُنتَهَاهَا (44)} [النازعات: الآيات 42 - 44] وقد ثبت في الصحيح في حديث جبريل لما أتى النبي صلى الله عليه وسلم في صورة أعرابي وسأله عن الإيمان والإسلام والإحسان، قال له: أخبرني عن الساعة. قال صلى الله عليه وسلم: «مَا المَسْؤُولُ عَنْهَا بِأَعْلَمَ مِنَ السَّائِلِ» (?). يعني لا نعلمها أنا ولا أنت؛ لأن الله استأثر بعلمها، والله (جل وعلا) استأثر بعلمها لمْ يُطلع عليه نبيًّا مرسلاً ولا مَلَكًا مُقَرَّبًا.
[25/ب] / {قُل لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلاَ ضَرًّا إِلاَّ مَا شَاء اللَّهُ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاَسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَاْ إِلاَّ نَذِيرٌ وَبَشير لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (188) هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا فَلَمَّا