سَرَابًا (20)} والسراب يقرب معناه من الهباء المنبث، فهذا معنى قوله: {ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ} وما كان هكذا: يفتت الجبال، ويزعزع الأرض لا ترى فيها عوجًا ولا أمتًا، وتتشقق فيه السماء، وتتناثر النجوم، ويسقط الشمس والقمر، وتفجّر البحار بعضها مع بعض فلا يخفى ثقل هذا اليوم على أهل السماوات والأرض لشدّة أهواله وأوجاله.
وقوله: {لاَ تَأْتِيكُمْ إِلاَّ بَغْتَةً} حكم الله (جل وعلا) أنّ القيامة لا تقوم على الناس إلا بغتة، أي: في حال كونها باغتة لهم، أي: مفاجئة لهم، وقد ثبتت الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: أن الساعة تقوم على الناس وهم في أشغالهم، الرجل منصرف بلبن لقحته فتقوم الساعة قبل أن يشربه، والرجلان يتبايعان ثوبهما فتقوم الساعة قبل أن يتبايعا، والرجل يصلح حوضه ليسقي فيه فتقوم الساعة قبل أن يصلحه، وهكذا. وقد يذهب الرجل ليأتي أهله بحاجة من السوق فتقوم الساعة ولا يقدر على أن يوادعهم ولا أن يوادعوه، كما قال جل وعلا: {فَلاَ يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً وَلاَ إِلَى أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ (50)} [يس: آية 50] فهي تفاجئ الناس وهم في أشدِّ غفلة، فتأتيهم فتهلكهم جميعًا، وهذا معنى قوله: {لاَ تَأْتِيكُمْ إِلاَّ بَغْتَةً}.
{يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا} في قوله: {كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا} وجهان من التفسير (?):
أحدهما: أن الحفيَّ هو من الحفاوة، والحفاوة: الكرامة، تقول: فلان حفيٌّ بي. أي: أنا كريم عليه، ولقيت منه حفاوة. أي: