فلا ينبغي للمسلم أن يضيع أوقات عمره في لعب الأوراق، وفي قيل وقال، فإن هذا فعل السفهاء، ولا يدري في أيِّ وقت يموت. وأنا أؤكد لكم كل التوكيد أنه إن مات ندم غاية الندم بعد فوات الفرصة على ضياع هذه الأعلاق النفيسة، والجواهر الثمينة -التي هي أيام عمره- في قال وقيل، ولعب أوراق، وربما كان ضيعه في أشياء لا ترضي من خلقه (جل وعلا)، فهذا لا ينبغي، فعلينا معاشر المؤمنين أن نَعْرِفَ قَدْرَ رَأْسِ مَالِنَا، وأن نُقدِّر أعمارنا، ونعرف قصرها، ولا ندري في أيِّ وقت تَنْخَرِمُ كما سيأتي قوله في هذه [السورة] (?): {وَأَنْ عَسَى أَن يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ} [الأعراف: آية 185] فلا نضيعه فيما لا يعني كألعاب الأوراق، والمجون والعبث، وغير ذلك مما لا يفيد، فهذا فعل السفهاء، وسيعلم صاحبه إذا انتهى إلى ربه أنه فعل السفهاء الذي لا يُجدي، فعليه أن يكفَّ عنه، ويكون رجلاً جديًّا، ويصدق المعاملة فيما بينه وبين ربه (جل وعلا)، ولا يترك أوقاته تضيع هدرًا؛ لأن هذا تضييع لجواهر عظيمة، وأعلاق نفيسة، لا يعرف قدرها إلاّ من علمه الله ذلك.
المثل الثاني المضروب لهذا: هو ما ذكره بعض العلماء وقد جاء به حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، والظاهر أن سنده لا يقل عن درجة القبول (?) أن الله (جل وعلا) جعل لكل إنسان مسكنًا في الجنة ومسكنًا في النار، فإذا أدخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار أطلع أهل الجنة على مساكنهم في النار لو أنهم كفروا بالله وعَصَوْهُ لِتَزْدَاد غبطَتُهُم وسرورهم بما هم فيه، وعند ذلك يقول الواحد منهم: {الْحَمْدُ للَّهِ