الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ} [الأعراف: آية 43] ثم إنَّه يُري أهل النار منازلهم في الجنة لو أنهم آمنوا بالله وأطاعوه لتزداد ندامتهم وحسرتهم والعياذ بالله. وعند ذلك يقول الواحد منهم: {لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي لَكُنتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} [الزمر: آية 57] ثم إن الله يجعل مساكن أهل النار في الجنة لأهل الجنة، ومساكن أهل الجنة في النار لأهل النار، ومن استبدل مسكنه في الجنة بمسكن غيره في النار فصفقته خاسرة، فهو خاسر لا محالة، وذلك طرف من هذا الخسران الذي دلت عليه آيات القرآن العظيم؛ ولذا قال تعالى: {وَمَن يُضْلِلْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ} [الأعراف: آية 178].

{وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِّنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ} [الأعراف: آية 179] اللام موطئة لقسم محذوف، و (قد) حرف تحقيق تضمنت معنى التوكيد.

و {ذَرَأْنَا} معناه: خلقنا. العرب تقول: ذرأ الله الخلق؛ أي: خلقه. فصيغة الجمع في قوله: {ذَرَأْنَا} صيغة تعظيم؛ لأن الله خلق خلقًا للنار فقال: هؤلاء في النار ولا أُبالي.

وقوله: {لِجَهَنَّمَ} بعض العلماء يقول: هي طبقة من طبقات جهنم، ولكنها تطلق على جميع طبقات النار، كما قال تعالى في جهنم: {لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ لِّكُلِّ بَابٍ مِّنْهُمْ جُزْءٌ مَّقْسُومٌ (44)} [الحجر: آية 44] فجهنم تطلق على جميع طبقات النار، وإن كان بعض العلماء يزعم أنها طبقة من طبقاتها السبع.

واختلف العلماء في لفظة (جهنم) هل أصلها عربية أو مُعَرَّبة (?)؟ بناء على قول من يقول: إنَّ فِي القرآن كلمات

طور بواسطة نورين ميديا © 2015