دُفن فيه يؤول إلى أن تختلط أجزاؤه وعظامه في الأرض فيغيب فيها ويضمحل كما يغيب السمن في الطعام، ومنه بهذا المعنى قوله تعالى: {وَقَالُوا أَئِذَا ضَلَلْنَا فِي الأَرْضِ أَئِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ} [السجدة: آية 10] يعنون بقولهم: {ضَلَلْنَا فِي الأَرْضِ} أنه اضمحلت عظامهم ولحومهم وجلودهم فيها فأكلتها واختلطت بها. وإطلاق العرب الإضلال على الدفن مشهور في كلامهم وأشعارهم، ومنه قول المُخَبَّل السعدي يرثي قيس بن عاصم التميمي المنقري المشهور (?):

أَضَلَّت بنُو قَيْسِ بْنِ سَعْدٍ عَمِيْدَهَا ... وفَارِسَهَا في الدهْرِ قيسَ بن عَاصِمِ

وقوله: «أضلت» يعني: دفنته في قبره. ومنه بهذا المعنى قول نابغة ذبيان يرثي بعض ملوك الغسانيين الذين كانوا بالشام، وقد مات ودُفن بالجولان، وسمع أولاً أنه مات، وجاء تكذيب موته، حتى جاء الذين دفنوه وأخبروه بموته وقال شعره المشهور فيه، الذي منه (?):

فإنْ تَحْيا لا أملكْ حياتي وإنْ تَمُتْ ... فما في حياتي بعدَ موتِكَ طائِلُ

فآبَ مُضِلُّوهُ بعينٍ جَلِيَّة ... وغُودِرَ بالجَولانِ حَزمٌ ونَائِلُ

[24/ب] / فقوله: «مضلوه» يعني دافنيه. وقوله: «بعين جلية» أي: بخبر يقين أنه مات حقًّا؛ لأنهم هم الذين أضلوه ودفنوه في قبره. وهذا معنى معروف في كلام العرب، يكثر في كلامها.

وأما الإطلاق الثالث من إطلاقات الضلال: فإنه جاء في القرآن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015