منها: إطلاق الضلال على الضلال عن طريق الهدى إلى طريق الزيغ، وعن طريق الجنة إلى طريق النار، كما في هذه الآية {وَمَن يُضْلِلْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ} ومنه قوله تعالى: {غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ} [الفاتحة: آية 7] وقوله: {قَدْ ضَلُّواْ مِن قَبْلُ وَأَضَلُّواْ كَثِيرًا وَضَلُّواْ عَن سَوَاء السَّبِيلِ} [المائدة: آية 77] وهذا أغلب استعمال الضلال والعياذ بالله.
الاستعمال الثاني: هو إطلاق الضلال على الغَيْبَةِ والاضمحلال، تقول العرب: «ضل هذا الشيء». إذا غاب واضْمَحَلَّ ولم يبق له وجود. تقول العرب: «ضَلَّ السمن في الطَّعَام» إذا غاب فيه واضْمَحل ولم يبق له أثر. وهذا معنى معروف في كلام العرب، ومنه قول الأخطل (?):
كُنْتَ القَذَى في مَوْجٍ أَكْدَرَ مُزْبِد ... قَذفَ الأَتِيُّ به فَضَلَّ ضَلاَلاً
أي: غاب غيبوبة واضمحل اضمحلالاً. ومنه بهذا المعنى قول الآخر (?):
أَلَمْ تسألْ فتخبركَ الديارُ ... عن الحي المُضَلَّلِ أينَ سَارُوا
ومعنى (المُضَلَّل): الذي ذهب على مرِّ العصور ولم يبق لهم أثر. ومن هذا المعنى قوله تعالى: {وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ} [يونس: آية 30] أي: غاب واضمحل ولم يبق له أثر. ولأجل إطلاق العرب اسم الضلال على الغيبة والاضمحلال أطلقوه على الدفع في القبر، تقول العرب: أضلوا الميت في قبره. إذا دفنوه فيه؛ لأنه إذا