الجاهل: ناشدتك اللهَ يَا هَذا إلا ما كففت عني من دُعَائِكَ الخبيث، إن كانت قد سُرقت ولم يُرد سرقتها فقد يريد ردها ولا تُرد (?)، فالذي يُفعل الشيء دونه ولا بمشيئته فأنا لست على ثقة منه أن بيده شيئًا.
فالحاصل أنهم وقعوا في شَرٍّ مما فَرّوا منه. والدليل القاطع الذي لا يترك لهم شبهة هو دليل العلم، وإيضاح ذلك أنك تقول للمعْتَزلي القدري إذا ناظرته: هل أنت مقر بأن الله (جل وعلا) يعلم ما يكون قبل أن يكون؟ فلا بد أن يقول: نعم؛ لأن كل من يقر بالإسلام يقر بهذا. فتقول له: إذن هذا العمل الذي زعمت أن العبد يخلقه بقدرته وإرادته من غير مشيئة لله آلله عالم أنه يقع من هذا العبد؟ فيقول: نعم. فقل له: لو شاء العبد أن يعمل ذلك العمل ويستقل به مخالفًا لما سبق به علم الله الأزلي [فهل يمكنه ذلك؟] (?) فقولك إنه مستقل به يقتضي أنه يمكنه أن يعمل عملاً مستقلاً غير ما سبق به العلم، فينقلب علم الله جهلاً -سبحانه وتعالى عما يقول الظالمون الفجرة علوًّا كبيرًا- فإذن لا بُدَّ أن يكون العمل مطابقًا لما سبق به علم خالق السماوات والأرض في أزَلِهِ.
فالحاصل أن الله (تبارك وتعالى) خلق للنار خلقًا علم أنهم من أهل النار وأنها أولى بهم، وخلق للجنة خلقًا علم في أزَلِهِ بأنَّهُمْ أهْل لها، ثم إن الله (تبارك وتعالى) يُيَسِّر كُلاً من الفريقين لما خلقه له، فيعمل هؤلاء بعمل أهل الجنة حتى يدخلوها، وهؤلاء بعمل أهل النار حتى يدخلوها، وقد جاءت أحاديث صحيحة ثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم