أَوْضَحَتْهُ مناظرة أبي إسحاق الإسفراييني مع عبد الجبار - من كبار المعتزلة القدريين القائلين بهذا المذهب - وأن عبد الجبار جاء يتقرب بهذا المذهب فقال عند أبي إسحاق: سبحان من تَنَزَّه عن الفحشاء! يعني أنه تَنَزَّهَ عن أن تكون السرقة والزنا ونحوها بمشيئته.
فقال أبو إسحاق: كلمة حَقٍّ أُرِيدَ بِهَا بَاطل. ثم قال أبو إسحاق: سبحان من لا يقع في ملكه إلا ما يشاء!
فقال عبد الجبار: أتراه يشاؤه ويعاقبني عليه؟
فقال أبو إسحاق: أتراك تفعله جبرًا عليه؟ أأنت الرب وهو العبد؟
فقال عبد الجبار: أرأيت إن دعاني لِلْهُدَى وقَضَى عَلَيَّ بِالرَّدَى، دَعَاني وَسَدَّ الباب دوني أتراه أحْسَنَ إِلَيَّ أَمْ أسَاءَ؟
قال أبو إسحاق: أرى هذا الذي منعكه إن كان حقًّا واجبًا لك عليه فقد ظَلَمَك وقد أساء، وإن كان ملكه المحض فإن أعطاك ففضل، وإن منعك فعدل. فبُهِتَ عبد الجبار، وقال الحاضرون: والله ما لهذا جواب!! ولذا قال تعالى: {قُلْ فَللهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاء لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ (149)} [الأنعام: آية 149] مَنُّهُ بالتوفيق على قوم وعدم مَنِّهِ بالتوفيق على آخرين حجته البالغة.
وذكروا أن عَمْرَو بن عبيد -كبير المعتزلة، المشهور بالعبادة والنسك، وهو من كبار أهل هذا المذهب الخبيث- جاءه بدوي أعْرَابي يقول له: إنَّ دَابَّتَهُ سُرِقَتْ. يريد أن يدعو الله ليردها عليه، فأراد عمرو بن عبيد التقرب بهذا المذهب الخبيث فقال: اللهُمَّ إِنَّهَا سُرِقَتْ وَلَمْ ترد سرقتها فارْدُدْهَا عليه. فقال له الأعرابي البَدَوِيّ