وقال بعض العلماء: من كلام الله والملائكة. وعلى هذا القول يحسن الوقف على قوله: {بَلى} لما استخرجهم في صورة الذَّرِّ لَيْلَة الميثاق، وأخذ عليهم الميثاق، وقال لهم: {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى} أنت ربنا، قال الله والملائكة: {شَهِدْنَا} عليكم بهذا الإيمان وهذا الميثاق الذي التزمتم.
{أَن تَقُولُواْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ} وقرأ هذا الحرف عامة القُراء غير أبي عمرو: {أَن تَقُولُواْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ} وقرأه أبو عمرو وحده من السبعة: {أن يَقُولُوا يَوْمَ القِيَامَةِ إنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ (172) أَوْ يَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ} [الأعراف: الآيتان 172، 173] بالياء التحتية الدالة على الغيبة (?).
والمعنى: أن الله شهد عليهم والملائكة لئلا يقولوا بعد هذا: كنا غافلين عن هذا، أو آباؤنا هم الذين سَنّوا الكفر وجعلوه طريقةً لنا.
فإن قيل: هذا لا يُولد أحدٌ إلا وهو ناسٍ له. قلنا: بأن الرسل تُذكرهم به، وتذكير الرسل إياهم به يجعله قطعيًّا كأنهم متذكرون سماعه من الله كما ذَكَرْنَا.
وقال بعض العلماء: يشهدُ بعضهم على بعض فيقول هؤلاء: شهدنا عليكم أيها القوم لئلا تقولوا يوم القيامة: إنا كنا عن هذا غافلين. ويقول البعض الآخر لمن شَهدَ عليهم من الآدميين: شهدنا أن تقولوا يوم القيامة.