أَلَيْسَ الليلُ يَجْمَعُ أم عَمْرو ... وإيانَا فذاكَ لنا تَدَاني
نَعَمْ، وَتَرَى الهِلالَ كَمَا أَرَاهُ ... وَيَعْلُوهَا النَّهَارُ كَمَا عَلانِي
فالقياس أن يقول هذا الشاعر: «بلى» ولا يقول: «نعم» ولما قال: «نعم» صار يُحفظ ولا يُقاس عليه. وربما أجابت العرب استفهامًا غير مقترنٍ بالنفي بـ (بلى) إذا كان ذلك الاستفهام يُقْصَدُ به الاستبعاد والنفي، وهذا معروف في كلامهم، ولذا لما قال الأخطل يُعَيّر الجَحَّاف (?):
أَلاَ فاسأل الجَحَّافَ هل أنت ثائرٌ ... بقَتْلَى أُصيبَتْ من نُمير بن عامرِ
قال: «هل أنت ثائرٌ» ولكن هذا الاستفهام بـ (هل) يُضَمِّنه معنى: أنه لا يثأر بهم، ولا يقتل قَتَلَتَهم، ففهم ذلك وأجاب بـ (بلى) لأن الأخطل لما قال:
أَلاَ فاسأل الجَحَّافَ هل أنت ثائرٌ ... بقَتْلَى أُصيبَتْ من نُمير بن عامرِ
أجابه الجَحَّاف بـ (بلى) لينفي النفي الذي ضَمَّنَه في (هل) بقوله (?):
بلى سَوفَ نبكيهم بكل مُهَنَّدٍ ... ونبكي نُميرًا بالرماحِ الخَوَاطِرِ
وهذا معنى قوله: {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى}.
وقوله: {شَهِدْنَا} اختلف العلماء هو مِنْ كلام مَنْ (?)؟!
فقال بعض العلماء: هو مِنْ كَلام الملائِكَة.