وعلى هذا القول فالشهادة من شهادة بني آدم لما استخرجوا من ظهور آبائهم ليلة الميثاق في صورة الذر يشهد بعضهم على بعض، وهذا معنى قوله: {أَن تَقُولُواْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ} لم نعلم.
{أَوْ تَقُولُواْ إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِن قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِّن بَعْدِهِمْ} أولادًا سرنا على ما كان عليه آباؤنا، ولم نخترع الكفر، ولم نتخذه طريقًا {أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ} [الأعراف: آية 173] قد قدّمنا مرارًا (?) أنه إذا جاءت همزة استفهام بعدها أداة عطف كالفاء، والواو، وثم أنها فيها وجهان من التفسير للعلماء:
أحدهما: أن همزة الاستفهام تتعلق بمحذوف، والفاء عاطفة عليه. وهذا الذي مال إليه ابن مالك في الخلاصة حيث قال (?):
وَحَذْفَ مَتْبُوعٍ بَدَا هُنَا اسْتَبِحْ ... ...............................
وعلى هذا القول: أتعاملنا بغير ما فعلنا فتهلكنا بما فعل المبطلون؟
وقال بعض العلماء: همزة الاستفهام أصْلُهَا بعد الفاء، إلا أن للاستفهام صدر الكلام، فتَزَحْلَقَتِ الهمزة قبل الفاء، والفاء قبل الهمزة في الرُّتْبَة، فتكون الفاء عاطفة للجملة المصدرة بالاستفهام على ما قبلها، والأول أظهر. وهذا معنى قوله: {أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ}.