الثاني: بلسان [المقال] (?) {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى} أنت ربنا.

واعلموا أن لفظة (بلى) تأتي في القرآن وفي اللغة العربية لِمَعْنَيَيْنِ لا ثالث لهما (?): أحد معنيي (بلى) المشهورين في كلام العرب وفي القرآن العظيم: أنّ (بلى) يُجاءُ بها لنفي نفي قبلها، فهي نقيضة (لا)؛ لأن (لا) لنفي الإثبات، و (بلى) لنفي النفي، فَيتقدم قبلها نفي فَيُؤْتَى بـ (بلى) لتنفي ذلك النفي فيصير ما بعدها إثباتًا؛ لأنّ نفي النفي إثبات، وهذا الوجه كثيرٌ في القرآن {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لاَ تَأْتِينَا السَّاعَةُ} [سبأ: آية 3] نفوا إتيان الساعة فنفى الله نفيهم إياها وأثبته، قال: {قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ} [سبأ: آية 3] {زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَن لَّن يُبْعَثُوا قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ} [التغابن: آية 7] وهذا الوجه كثير في القرآن {فَأَلْقَوُاْ السَّلَمَ مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِن سُوءٍ بَلَى إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} [النمل: آية 28].

الوجه الثاني: أن يُؤْتَى بلفظة (بلى) جوابًا لاستفهام مُقْتَرِنٍ بالنَّفْيِ خاصَّةً، ولا يُجاب بـ (بلى) استفهامٌ إلا الاستفهام المقترن بالنفي خاصة، وإذا جاءت (بلى) أحالت ذلك الاستفهام المقترن بالنَّفْيِ إِلَى طريق الإثبات أيضًا، كقوله هنا: {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى} [الأعراف: آية 172] وإذا أجَابَتِ الْعَرَبُ اسْتِفْهَامًا مقترنًا بالنفي بغير (بلى) فإنه ليس على القواعد العربية، فهو يُحفظ ولا يُقاس عليه. قال بعض علماء العربية: ربما أجابت العرب بـ (نعم) سؤالاً مقترنًا بنفي، وهو شاذ يُحفظ ولا يُقاس عليه. قالوا: ومنه قول الشاعر (?):

طور بواسطة نورين ميديا © 2015