الرسل يُذَكرون بهذا العهد، وما ثبت عن الرسل هو وما حضره الإنسان في التحقيق واحد؛ لأن ما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم نحن نجزم بوقوعه أشد مما نجزم بما شاهدناه ولاحظناه وتذكرناه.

وهذا القول قال به كثير من السلف، ودلت عليه أحاديث كثيرة من أصحها وأدلها عليه ما ثبت في الصحيحين -صحيح البخاري وصحيح مسلم- من حديث أنس بن مالك (رضي الله عنه) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «يَقُولُ اللهُ لأَهْوَنَ أَهْلِ النَّارِ عَذَابًا يَوْمَ القِيَامَةِ: أَرَأَيْتَ لَوْ كَانَ عِنْدَكَ كُلُّ شَيْءٍ أَكُنْتَ مُفْتَدِيًا بِهِ؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ. فَيَقُولُ اللهُ: أَرَدْتُ مِنْكَ أَهْوَنَ مِنْ ذَلِكَ، أَخَذْتُ عَلَيْكَ فِي ظَهْرِ آدَمَ أَلاَّ تُشْرِكَ بِي فَأَبَيْتَ إِلاَّ أَنْ تُشْرِكَ بِي» (?) فهذا الحديث ثابتٌ في الصحيحين من حديث أنس، وقد ذكر فيه النبي صلى الله عليه وسلم أن عدم الإشراك أُخِذ عليهم وهم في ظهر آدم، فدل ذلك على أن قوله: {وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ} أنه استخراج الله لهم، وإشهاده عليهم، ثم ردهم في ظهر أبيهم آدم. ومما يدل على هذا: أن الذين قالوا: إن معنى أخذهم من ظهورهم: هو تناسلهم قرنًا بعد قرنٍ، وجيلاً بعد جيلٍ، أنهم جعلوا ما ركب فيهم من الفطرة السليمة والعقول، وما نصب لهم من الأدلة القطعية كافيًا في قيام الحجة عليهم. والقرآن يدل على عدم صحة هذا القول؛ لأن القرآن العظيم - وهو كلام ربّ العالمين - دل على

طور بواسطة نورين ميديا © 2015