مُسْلِمِينَ (53) أُوْلَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُم مَّرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا} [القصص: الآيات 51 - 54]. وقوله في هذه الآية الكريمة: {وَمِنْهُمْ دُونَ ذَلِكَ} أي: ومنهم أمة وناسٌ آخرون دون ذلك الصلاح؛ أي: منحطون عن مرتبة الصلاح، قاصرون عنها؛ لارتطامهم في المعاصي أو الكفر بالله جلّ وعلا.

وهذا الحرف قرأه عامة القراء: {دُونَ ذَلِكَ} بفتح النون ظرفًا غير متصرف، ولم يقرأه أحدٌ اسمًا. وكونه اسمًا يجوز لغة لا قراءة؛ لأن العرب تطلق (دون) إطلاقين (?): تطلقها ظرفًا جامدًا غير متصرف، وتطلقها اسمًا بمعنى الشيء الردي، ومن إطلاقها اسمًا: قول الشاعر (?):

إِذَا مَا عَلاَ المَرْءُ رامَ العَلاَء ... ويقْنَعُ بالدونِ من كان دُونَا

فالرواية في قوله: «من كان دونا» أصله: «من كان دونًا» بالتنوين، أي: حقيرًا. وهذه الآية لم يُقْرأ فيها بجعله اسمًا متصرفًا. هذا معنى قوله: {وَمِنْهُمْ دُونَ ذَلِكَ} أي: ومنهم أمة، كقوله: {وَمَا مِنَّا إِلاَّ لَهُ مَقَامٌ مَّعْلُومٌ (164)} [الصافات: آية 164] أي: وما منا أحد إلا له مقام معلوم؛ أي: ومنهم طائفة {دُونَ ذَلِكَ} أي: منحطون عن رتبة الصلاح لكفرهم أو معاصيهم.

وقوله: {وَبَلَوْنَاهُمْ} البلاء: الاختبار. والحسنات جمع الحسنة، والحسنة المراد بها هنا الخصلة الطيبة كالخصب والعافية؛ لأن الله يبتلي بالطيبات ويبتلي بالبلايا. يبتلي الناس بأن يُغدق عليهم نعمه ويرزقهم العافية والأموال والأمطار ليبتليهم أيشكروا نعمة الله؟ وكذلك يبتلي بالسيئات كالجدب والمرض وغير ذلك من البلايا هل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015