ينيبوا إلى الله؟ فالله (جل وعلا) ذكر هنا أنه ابتلى اليهود بالحسنات كسعة الرزق والخصب والصحة والعافية، والسيئات؛ كالأمراض والجدب والزلازل والبلايا {لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} أي: لأجل أن يرجعوا فينيبوا عند [23/ب] أحد الابتلاءين. ودلت الآية على أنّ منهم طائفة كانوا صالحين كما بيّناه مرارًا./ كقوله: {لَيْسُواْ سَوَاء مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَآئِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاء اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ (113)} [آل عمران: آية 113] وقوله: {وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَن يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْهِمْ} الآية [آل عمران: آية 199]. وهذا معنى قوله: {وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ}.
السيئات: جمع سيئة، وعلماء العربية يقولون: إن أصل السيئة: (سَيْوِئَة)، فهي على وزن: (فَيْعِلَة)، ووزنها بالميزان الصرفي: (فَيْعِلَة)، والزائد فيها: ياء (الفَيْعِلَة)، وحروفها الأصلية هي: السين في مكان الفاء، والواو في مكان العين، والهمزة في مكان اللام. أصل حروفها الصحيحة: (سَوَء) بسين، وواو، وهمزة. وياء (الفَيْعِلَة) زائدة، أصلها: (سَيْوِئَة) فاجتمعت الياء والواو، وسكنت أولاهما غير عارضة ولا عارضة السكون، فوجب قلب الواو ياء، وإدغام الياء في الياء، على القاعدة التصريفية المشهورة (?). فقوله: (السيئة) هذه الياء المشددة فيها حرفان: أولاهما: ياء (الفَيْعِلَة) الزائدة، والثانية: الواو الواقعة عين الكلمة المبدلة ياء. وإنما سُميت السيئة (سيئة) لأنها تسوء صاحبها يوم القيامة إذا نظر إليها في صحيفته. وهذا معنى قوله: {وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ