الهمزةُ ياءً. وقال بعضُهم: هو مِنَ (النَّبْوَةِ) بمعنَى الارتفاعِ، وهذا معروفٌ {إِلاَّ أَخَذْنَا أَهْلَهَا} كُلَّمَا أرسلَ اللَّهُ نَبِيًّا إلى قومٍ كَذَّبُوهُ وَنَاصَبُوهُ العداءَ ثم أَخَذَهُمُ اللَّهُ أولاً {بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ} [الأعراف: آية 94] البأساءُ: الفقرُ والجوعُ. الضراءُ: الأمراضُ. يَبْتَلِيهِمْ أولاً بالفقرِ والجوعِ والجدبِ، ثم يبتليهم بالأمراضِ ونحوِها، وإذا لم يَنْفَعْهُمْ هذا الابتلاءُ بالشرِّ ابتلاهم بالخيرِ؛ لأن الابتلاءَ تارةً بالشرِّ وتارةً بالخيرِ فَبَيَّنَ ابتلاءَه لهم بالخيرِ بعدَ ابتلائِه لهم بالشرِّ في قولِه: {ثُمَّ بَدَّلْنَا مَكَانَ السَّيِّئَةِ الْحَسَنَةَ} [الأعراف: آية 95] بَدَّلْنَا مكانَ السيئةِ الحسنةَ، (الحسنة) و (مكان) هما مَفْعُولاَ (بَدَّلْنَا) على التحقيقِ؛ خِلاَفًا لِمَنْ زعموا أن (مكان) ظرفٌ، فهما مفعولانِ لِبَدَّلْنَا.
ومعنَى: {بَدَّلْنَا مَكَانَ السَّيِّئَةِ الْحَسَنَةَ} أي: بَدَّلْنَا لهم الخصبَ مكانَ الجدبِ، والصحةَ والعافيةَ مكانَ الأمراضِ، فَجَعَلْنَا لهم الشيءَ الحسنَ بدلاً من الشيءِ السيئِ؛ لِنَبْتَلِيَهُمْ أخيرًا بالحسنِ بعدَ أن ابْتَلَيْنَاهُمْ أَوَّلاً بالسيئِ.
وأصلُ (السيئةِ) أصلُها: (سَيْوِئَة) حروفُها الأصليةُ هي: السينُ وهو فاؤُها، والواوُ وهو عينُها، والهمزةُ وهي لامُها، وياءُ (فَيْعِلَة) زائدةٌ، فَأُبْدِلَتِ الياءُ الزائدةُ بالواوِ التي هي عَيْنُ الكلمةِ بعدَ إبدالِها ياءً على القاعدةِ التصريفيةِ المشهورةِ المعروفةِ (?).
و (الحسنةُ) صفةٌ مشبهةٌ من: حَسُنَ الشيءُ فهو حَسَنٌ، وكذلك (السيئةُ) صفةٌ مشبهةٌ من: سَاءَ يَسُوءُ فهو سَيِّءٌ؛ لأن السيئةَ تسوءُ صاحبَها يومَ القيامةِ إذا رَآهَا فِي صَحِيفَتِهِ.