والحسنةُ: أصلُها صفةٌ مشبهةٌ تأنيثُ الحسنِ إلا أنها اشْتُهِرَ استعمالُها حتى اسْتُعْمِلَتْ استعمالَ الأسماءِ الجامدةِ كالصالحةِ والحسنةِ والخصالِ الطيبةِ، وهو معنًى معروفٌ في كلامِ العربِ.
ومعنَى: {ثُمَّ بَدَّلْنَا مَكَانَ السَّيِّئَةِ الْحَسَنَةَ} [الأعراف: آية 95] بَدَّلْنَا لهم مكانَ الجدبِ خصبًا ورزقًا، ومكانَ الأمراضِ عافيةً وصحةً؛ لِنَبْتَلِيَهُمْ بذلك أيضًا.
وقولُه: {حَتَّى عَفَوا} يعنِي: كَثُرُوا. العربُ تقولُ: «عَفَا الشيءُ» بمعنَى: كَثُرَ، فـ (عفوا) معناه: كَثُرُوا. كَثُرَتْ أنفسُهم - بالعافيةِ والصحةِ - وأموالُهم، حتى نَمَوْا وَنَمَتْ أموالُهم، وَكُلُّ شيءٍ كَثُرَ تقولُ فيه العربُ: (عفا) ومنه: إعفاءُ اللحيةِ، وهو تكثيرُ شَعْرِهَا وتوفيرُه لا حلقه وَقَصّه.
فمعنَى: {حَتَّى عَفَوْا} حتى كَثُرُوا، وهو معنًى معروفٌ في كلامِ العربِ، ومنه قولُ الشاعرِ (?):
وَلَكِنَّا نُعِضُّ السَّيْفَ مِنْهَا ... بِأَسْوُقِ عَافِيَاتِ الشَّحْمِ كُومِ
فَهُوَ معنًى معروفٌ في كلامِ العربِ. حتى عَفَوْا وكثروا وزالَ عنهم الجوعُ والقحطُ وخصبوا وأنعموا؛ لَمَّا زَالَ عنهم هذا كُلُّهُ ابتليناهم بالحسناتِ، ولم ينفع فيهم الابتلاءُ بالحسناتِ أيضًا، وقالوا: {قَدْ مَسَّ آبَاءَنَا الضَّرَّاءُ وَالسَّرَّاءُ} معناه عندَهم: أن هذه حياةُ الدهرِ، تارةً يجيءُ بخيرٍ، وتارةً يجيءُ بشرٍّ، وهو أمرٌ طبيعيٌّ ليس من الابتلاءِ ولا الفتنةِ على الذنوبِ ثم إن اللَّهَ قال إنه بعدَ أن لم يَنْفَعِ ابتلاؤُنا