الضَّرَّاءُ وَالسَّرَّاءُ فَأَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ (95)} [الأعراف: الآيتان 94، 95].

{وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّبِيٍّ إِلاَّ أَخَذْنَا أَهْلَهَا بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ (94)} [الأعراف: آية 94] بَيَّنَ اللَّهُ (جل وعلا) في هذه الآيةِ الكريمةِ أنه لم يُرْسِلْ نَبِيًّا قَطُّ من الأنبياءِ إلى أمةٍ إلا كَذَّبَتْ تلك الأمةُ، وبعد تكذيبِها ابْتَلاَهَا اللَّهُ أنواعَ الابتلاءِ، ثم بَيَّنَ مصيرَها النهائيَّ. وهذا العمومُ في (ما) عامٌّ لم يَخْرُجْ منه شيءٌ إلا قوم يونسَ فإن اللَّهَ أَخْرَجَهُمْ من هذا العمومِ في قولِه: {فَلَوْلاَ كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلاَّ قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ (98)} [يونس: آية 98] لم يَخْرُجْ من هذا العمومِ إلا قومُ يونسَ فقط كما دَلَّتْ عليه آيةُ يونسَ هذه.

ومعنَى الآيةِ الكريمةِ: {وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّبِيٍّ} المدينةُ تُسَمَّى (قريةً) (?) لأن الناسَ يجتمعونَ فيها، من قولِهم: قَرَيْتُ الماءَ. إذا جَمَعْتَهُ في الحوضِ. والأصلُ: ما أَرْسَلْنَا نَبِيًّا. فالمفعولُ نكرةٌ زِيدَتْ قَبْلَهَا لفظةُ (من) لتأكيدِ العمومِ، وَقَرَأَ هذا الحرفَ عامةُ القراءِ ما عدَا نافعًا {مِّن نَّبِيٍّ} بالتشديدِ، وقرأه نافعٌ وحدَه: {من نبيء} بالهمزةِ (?). أما على قراءةِ نافعٍ فالنبيءُ مُشتقٌّ من النبأِ، والنبأُ: الخبرُ الذي له شأنٌ. فَكُلُّ نبأٍ خبرٌ، وليس كُلُّ خبرٍ نبأً؛ لأَنَّ النبأَ اسمٌ للخبرِ الذي له شَأْنٌ، تقولُ: جَاءَنَا نبأُ الجيوشِ، وجاءنا نبأُ الأميرِ. ولا تقولُ: جاءنا نبأُ حمارِ الحجامِ؛ لأنه لا خَطْبَ له. أما على قراءةِ الجمهورِ فقال بعضُ العلماءِ: (النبي) أيضًا من (النبيءِ) أُبْدِلَتِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015