على ذلك دلالةً واضحةً، وإيضاحُ ذلك (?): أن الفضلَ العظيمَ إنما يُعْرَفُ بالاختبارِ، فعندَ الامتحانِ ( ... ). (?)
[14/ ب] / {فَكَيْفَ آسَى عَلَى قَوْمٍ كَافِرِينَ} [الأعراف: آية 93] لَمَّا عَلِمَ نبيُّ اللَّهِ شعيبٌ أن اللَّهَ مُهْلِكٌ قومَه تَوَلَّى رَاجِعًا عنهم، وقال مُخَاطبًا لهم: {لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ} واللَّهِ لقد أبلغتُكم رسالاتِ رَبِّي التي لو اتَّبَعْتُمُوهَا لَمَا وقعتُم فيما وقعتُم فيه {وَنَصَحْتُ لَكُمْ} بَذَلْتُ لكم غايةَ النصحِ، وبينتُ لكم، وأمرتُكم بما فيه لكم الخيرُ، ونهيتُكم عما فيه لكم الشرُّ، ولكن تَمَرَّدْتُمْ حتى أَهْلَكَكُمُ اللَّهُ {فَكَيْفَ آسَى} آسَى: معناها أَحْزَنُ، فالعربُ تقولُ: أَسِيَ الرجلُ يَأْسَى بمعنَى: حَزِنَ يحزنُ، و (آسى) فعلٌ مضارعٌ، والهمزةُ الأُولَى همزةُ المتكلمِ، والألفُ مبدلةٌ من فاءِ الفعلِ، والمعنَى: فكيف أَحْزَنُ أنا. {آسَى} أي: أحزنُ {عَلَى قَوْمٍ كَافِرِينَ} مُتَمَرِّدِينَ على اللَّهِ؛ أعداءِ للهِ ورسلِه، فهؤلاء لا يُحْزَنُ عليهم، كما قال اللَّهُ لِنَبِيِّنَا: {وَلاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ} [النمل: آية 127] ونحو ذلك من الآياتِ (?). وهذه الآيةُ تَدُلُّ أن قومَ الرجلِ إذا كانوا أعداءً لله فأهلكهم اللَّهُ بذنوبِهم لا ينبغِي له أن يحزنَ عليهم؛ لأنهم ليسوا أَهْلاً للحزنِ عليهم لعداوتِهم لِلَّهِ وَرُسُلِهِ.
{وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّبِيٍّ إِلاَّ أَخَذْنَا أَهْلَهَا بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ (94) ثُمَّ بَدَّلْنَا مَكَانَ السَّيِّئَةِ الْحَسَنَةَ حَتَّى عَفَوا وَّقَالُوا قَدْ مَسَّ آبَاءَنَا