جاهلةٌ لا يكتبونَ الكتبَ ولا يقرؤون ما في الكتبِ. {لاَ يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ} الذي هو التوراةُ ولا غيرُه من الكتبِ.
وقوله: {إِلاَّ أَمَانِيَّ} في قولِه: {إِلاَّ أَمَانِيَّ} وجهانِ معروفانِ من التفسيرِ عندَ العلماءِ (?): أحدُهما تُبْعِدُهُ قرينةٌ في نفسِ الآيةِ.
أما القولانِ المعروفانِ: أن المرادَ بالأمانيِّ هنا: جمعُ (أُمْنِيَّةٍ) بمعنى (القراءةِ). والعربُ تُطْلِقُ (الأمنيَّةَ) على (القراءةِ) وهذا معنًى معروفٌ في كلامِ العربِ، تقولُ العربُ: (تمنَّى) إذا قرأَ، ومنه قولُ حسانَ (?):
تَمَنَّى كِتَابَ اللَّهِ آخِرَ لَيْلِهِ تَمَنِّيَ دَاوُدَ الزَّبُورَ عَلَى رِسْلِ
وقولُ كعبِ بنِ مالكٍ أو حسانَ (?):
تَمَنَّى كِتَابَ اللَّهِ أَوَّلَ لَيْلَةٍ وَآخِرَهَالاَقَى حِمَامَ الْمَقَادِرِ
فمعنى (تَمَنَّى): قَرَأَ، وعلى هذا فالاستثناءُ متصلٌ. وتقريرُ المعنى: لاَ يعلمونَ من الكتابِ إلا قراءةَ ألفاظٍ ليس معها تَفَهُّمٌ وتدبرٌ لِمَا تَحْوِيهِ الألفاظُ من المعانِي (?)، وَمَنْ لم يكن عنده مِنْ عِلْمِ الكتابِ إلا قراءةَ ألفاظٍ لا يفهمُ ما
تحتَها من المعانِي فهذا جاهلٌ لا عِلْمَ عندَه. هذا وَجْهٌ في الآيةِ، وهو الذي قُلْنَا: إن في الآيةِ قرينةً تُبْعِدُهُ؛