وَإِنَّ لِلطَّاغِينَ لَشَرَّ مَآبٍ (55) جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ الْمِهَادُ (56) هَذَا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ (57) وَآخَرُ مِن شَكْلِهِ أَزْوَاجٌ (58)} [ص: الآيات 55 - 58] فبيَّنَ أَنَّ هنالِكَ أشْكَالاً وأنواعاً من العَذَاب، غير أحقاب الحميم والغسَّاق، فدل على عدم الانتهاء.

أما الشبهة الباردة الفلسفِيَّةُ التي يقولون فيها: إن العَبْدَ في دار الدنيا عمل المعاصي في مُدَّة وَجِيزَة، وهي مدة عمره القليلة، فكيف يكون عمل المعاصي في زمن قليل وجزاؤها دائم لا يزول؟!

فجواب هذه الشبهة الباردة الملحدة: أن الخبث والكفر الذي انطوت عليه قلوبهم وتمرَّدُوا بِسَبَبِه على الله منطوية عليه قلوبهم أبداً، لا يزول منها أبداً، فكان العذاب أَبَدِيّاً سرمديّاً؛ لأن سبب ارتكابه كان في القلب، أبدي سرمدي، والآيات الدالة على هذا كثيرة؛ كَقَوْلِهِ تَعَالى عنهم أنهم لما عاينوا النار، ورأوا عذاب الله وعظمة النار، وهول ذلك الموقف، وتمنَّوا الرجوع إلى دار الدنيا مرة أخرى ليطيعوا الرسل، ويعودوا إلى رضا الله، وتمنوا ذلك فقالوا: {يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلاَ نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [الأنعام: آية 27] وفي القراءة الأخرى (?): {وَلاَ نُكَذِّبُ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونُ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} بيّن الله أن ذلك الخبث الذي كان في قلوبهم في دار الدنيا لم يَزُل أبداً حتى بعد الموت، ومعاينة النار ومعاينة العذاب، قال وهو أصدق من يقول: {وَلَوْ رُدُّواْ لَعَادُواْ لِمَا نُهُواْ عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ} [الأنعام: آية 28] فهو يبين أنهم كلما ردوا إلى الدنيا رجعوا إلى الكفر، وأن أصل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015