الملحد: هذا لا يظهر فيه كمال الإنصاف؛ لأنه ينبغي أن يكون الجزاء بحسب العمل، والعمل قليل في أيامٍ معدودة فكيف يكون الجزاء لا نهاية له؟!
والجواب عن الآيات لو تتبعنا جميع الأجوبة فيه لطال جدّاً، ولكننا نلمُّ بطرف منه باختصار، فنقول: إن الله (جلّ وعلا) ذكر خلود أهل الجنة وخلود أهل النار، واستثنى في كل واحدٍ منهما بمشيئته، قال في خلود أهل النار: {خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ} [هود: آية 107] {قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا إِلاَّ مَا شَاء الله} [الأنعام: آية 128] وقيّد خلود أهل الجنة بالمشيئة أيضاً قال: {وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُواْ فَفِي الْجَنَّةِ} [هود: آية 108] وفي القراءة الأخرى (?): {وَأَمَّا الَّذِينَ سَعِدُواْ فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ} فالقيد بالمشيئة في خلود الطائفتين - خلود أهل الجنة وخلود أهل النار، وهذه المشيئة - قد بينت الآيات في كل من الفريقين أن خلود كل واحدٍ منهما لا انقطاع له أبداً، قال تعالى في خلود أهل الجنة: {عَطَاء غَيْرَ مَجْذُوذٍ} أي: خلوداً في النعيم غير مقطوع {إِنَّ هَذَا لَرِزْقُنَا مَا لَهُ مِن نَّفَادٍ (54)} [ص: آية 54] أي: لا انقطاع له أبداً {مَا عِندَكُمْ يَنفَدُ وَمَا عِندَ الله بَاقٍ} [النحل: آية 96] أي: لا انقطاع له أبداً من نعيم الجنة.
[أما النار التي فيها الكفار فالتحقيق أنها باقية لا تفنى؛ لأن الله صرح بذلك في آيات كثيرة، فصرح بأنها لا تفنى حيث قال: