المسلمين الذين ماتوا مرتكبي الكبائر يدخل بعضهم النار ويُخرجون منها حتى لا يبقى فيها أحدٌ ممن في قلبه مثقال حبة من إيمان، ولهم طبقة؛ لأن للنار سبعة أبواب، لكل باب منهم جزء مقسوم، فإذا خرج الموحدون منها فلا مانع من فناء الطبقة التي كانوا فيها، أما الكفَّار فقد دلت نصوص الوحي العظيمة على أنهم خالدون فيها أبداً خلوداً سرمديّاً لا انقضاء له أبداً. وفي خلودهم الأبدي سؤالات معروفة:
أحدهما أن الله قيده بالمشيئة في سورة الأنعام، وفي سورة هود، حيث قال في سورة الأنعام: {قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا إِلاَّ مَا شَاءَ اللهُ} [الأنعام: آية 128] وقال في سورة هود: {فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُواْ فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ (106) خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ} [هود: الآيتان 106، 107].
السؤال الثاني: أن الظرف في سورة النبأ -الظرف المُنَكَّر- يدل على المفهوم، وهو قوله: {لاَبِثِينَ فِيهَا أَحْقَاباً (23)} [النبأ: آية 23] فالأحقاب: أزمنة مُنكَّرة يدل على أن لها انقضاء.
السؤال الآخر: سؤال فلسفي بارد، يستدل به الفجرة الملاحدة، يقولون: العقل لا يدرك أن يخلدوا فيها أبداً؛ لأن الله أحكم الحاكمين، وهو ذو عدلٍ وإنصافٍ بالغ، هو الحَكَم العدل (جلّ وعلا)، وهم إنما ارتكبوا المعاصي في الدنيا في أيام محدودة قليلة، فكيف يكون زمن المعصية محدوداً قليلاً وزمن الجزاء لا انقطاع له أبداً؟! قال الملحدون في هذا: لا مناسبة إذاً بين العمل والجزاء، فالعمل في مدةٍ وجيزة، والجزاء لا انقضاء له. فيقول