وقوله: {وَأَصْلَحَ} حَذَفَ المفعولين هنا، وقد تقرر في علم النحو أن حَذْفَ المفعول إذا دل المقام عليه جائز:
وحَذْفَ فَضلَةٍ أَجِزْ إنْ لَم يَضُرِ (?) ... .................................
وتقرير المعنى: {فَمَن ِاتَّقَى} الله بامتثال أوامره واجتناب نهيه، {وَأَصْلَحَ} عمله باتباع الرسل ومراعاة الله (جلّ وعلا) فيما يأمر به وما ينهى عنه {فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ} [الأعراف: آية 35] أي: ليس أمامهم شيء يغتمون منه؛ لأنه لم يكن أمامهم إلا الخير الدائم، والنعيم السرمدي {وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ} على شيءٍ فائت؛ لأنهم كلما طلبوا أُعطوا، فلا يحزنون على فائت؛ لأن جميع رغباتهم حاضرة موجودة. وإذا كانت أُمنيات الإنسان كلها حاضرة موجودة فإنه لا يأسف على شيء فائت؛ لأنه لم يفته شيء، وهذا معنى قوله: {فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ}.
{وَالَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُواْ عَنْهَا أُوْلََئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [الأعراف: آية 36] يعني: إن جاءتكم رُسُلِي فالذين أطاعوا رسلي واتقوني فهم آمنون لا يلحقهم خوف ولا حزن، وهم في جنات النعيم، وأمَّا الذين عصوني وعصوا رسلي، ولم يطيعوني، ولم يمتثلوا أمري، وأمّا {وَالَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا} فقالوا للرسل: هذا الذي جئتم به كذب، بل هو سحر، أو شعر، أو كهانة، أو أساطير الأولين، هذا تَلَقَّيْتُمُوهُ عَنْ غَيْرِكُمْ {وَاسْتَكْبَرُواْ عَنْهَا} أي: