تَكَبَّرُوا عن العمل بها كأبي جهل وأبي لهب وأمثالهم من هذه الأمة والأمم السابقة {وَالَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُواْ عَنْهَا أُوْلََئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ} [الأعراف: آية 36].
{أُوْلَئِكَ} أشار لهم إشارة البعيد؛ لأنهم بُعداء بُغضاء ينبغي أن يتباعد منهم، ومن الاقتداء بهم، ومن الاتصاف بصفاتهم.
وسمّاهم {أَصْحَابُ النَّارِ} لأن العرب كثيراً ما تطلق المصاحبة على الاجتماع الطويل. والمراد بالنار - والعياذ بالله - نار الآخرة، وهي أَحَرُّ من نار الدنيا بسبعين ضعفاً - نعوذ بالله - تَنْمَاع من حرِّها الجبال، وحرُّها لا يُقَادَر قدره.
وأصل الألف التي بين النون والراء أصلها واو. أصل النار (نَوَر) بدليل أن التضعيف الذي يردُّ العين إلى أصلها يبين ذلك، تقول: (تنَوَّرتُ) إذا نظرت النار من بعيد، فلو كانت يائية العين لقيل فيها: (تَنَيَّرْتُ) فلما قالوا: (تنورت) علمنا أن أصل الألف التي في محل العين واو، ومنه تصغير العرب لها على (نُويرة) فلو كانت يائية العين لقالوا: «نُييرة» (?) ومما يدلُّ عليه قوله (?):
تَنَوَّرتُهَا مِنْ أَذْرعَاتٍ وَأَهْلِهَا ... بِيَثْرِبَ أَدْنى دَارِهَا نَظَرٌ عِالي