وقوله: {مِنكُمْ} [الأعراف: آية 35] يدل على أنه قد يوجد رسل آخرون ليسوا منا، وهو كذلك؛ لأن من الملائكة رسلاً، والملائكة ليسوا من جنسنا، كما قال الله: {اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلاَئِكَةِ رُسُلاً وَمِنَ النَّاسِ} [الحج: آية 75] وقال: {جَاعِلِ الْمَلاَئِكَةِ رُسُلاً أُولِي أَجْنِحَةٍ} الآية [فاطر: آية 1]، {يَا بَنِي آدَمَ إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ} أي: إن يجئكم من تلقائي ومن عندي رسل من جنسكم ونوعكم أرسلتهم إليكم، كما قال للنبي صلى الله عليه وسلم في أول سورة يونس: {أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَباً أَنْ أَوْحَيْنَا إِلَى رَجُلٍ مِّنْهُمْ أَنْ أَنذِرِ النَّاسَ} [يونس: آية 2] لا عجب في هذا {أَوَعَجِبْتُمْ أَن جَاءكُمْ ذِكْرٌ مِّن رَّبِّكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِّنكُمْ لِيُنذِرَكُمْ} [الأعراف: آية 63] لا عجب في هذا.
{إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي} {يَقُصُّونَ} معناه: يقرءون ويتلون عليكم آياتي في كتبي التي نزلتها على رسلي لينذروكم بها، ويبينوا لكم فيها العقائد، والحلال، والحرام، والأمثال، والجنة، والنار، وخبر الدنيا والآخرة، وما يستوجب به العبد رضا الله، وما يستوجب به سخطه، {إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي} [الأعراف: آية 35] فاعلموا أن من اتبع رسلي وأطاعني صار إلى أحسن ما يكون، ومن كذب رسلي واستكبر عن آياتي وعصاني فسيصير إلى أسوأ ما يكون؛ ولذا قال: {فَمَنِ اتَّقَى وَأَصْلَحَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ} {فَمَنِ اتَّقَى} أي: اتقى الله بأن صدّق رسله وامتثل أوامره التي جاءت بها الرسل، واجتنب نواهيه التي جاء نهي عنها على ألسنة الرسل، وأطاع الله فيما جاءت به رسله، وأصلح عمله بطاعة الله (جلّ وعلا)،