وجريان عمله على الوجه الذي يرضي الله الذي شرعه الله على ألسنة رسله، فهؤلاء الصنف الذين صدّقوا رسلي، وآمنوا بي، وأطاعوني، أصلحوا أعمالهم باتباع الرسل، واتقوا ربهم بامتثال أمره واجتناب نهيه، فهؤلاء يوم القيامة عندما يكون الفزع الأكبر آمنون، لا يخافون ولا يحزنون.

فقوله: {لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ} الخوف في لغة العرب -أعاذنا الله وإخواننا المسلمين منه- هو غم من أمر مستقبل في غالب الأحوال، فإذا كان إنسان يغتم من أمرٍ مستقبل يتوقع وقوعه عليه فهذا هو الخوف. أما الحزن: فهو الغم من أمر فائت، كأن تصيبه مصيبة أو بلية وتقع فيبقى مغموماً مما وقع، فهذا حزين. وربما وضعت العرب الخوف مكان الحزن، والحزن مكان الخوف قليلاً (?)، وربما أطلقت العرب الخوف وأرادت به (العِلْم) إطلاقاً غير كثير. قال بعض العلماء: منه في القرآن: {إِلاَّ أَن يَخَافَا أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ الله فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ الله} [البقرة: آية 229] أي: إلا أن يعلما، فإن علمتم. ومن إطلاق الخوف على (العلم) كما ذكرنا قول أبي محجن الثقفي (?):

إِذَا مِتُّ فَادْفِنِّي إِلَى جَنْبِ كَرْمَةٍ ... تُروِّي عِظَامِي في المَمَاتِ عُرُوقُهَا

وَلاَ تَدْفِنُنِّي بِالفَلاةِ فَإِنَّنِي ... أَخَافُ إذا مَا مِتُّ أَلاَّ أَذُوقَهَا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015