سورة الأنعام في الكلام على قوله: {وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكاً لَّجَعَلْنَاهُ رَجُلاً وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِم مَّا يَلْبِسُونَ (9)} [الأنعام: آية 9] فَكَوْن الرُّسُل إلى بني آدم من جنسهم ومن نوعهم يسهِّل عليهم الأخذ منه، وتسهل عليهم معاشرتهم وصحبتهم والاهتداء بهديهم هو مِنْ نِعَمِ اللهِ -تعالى- عليهم، مع أنّ كون الرسل منهم هي شبهة أضلهم الله بها. كل قوم إذا جاءهم رسول منهم يقولون: كيف تكون رسولاً وأنت من جلدتنا، وتشرب كما نشرب، وتأكل كما نأكل، وتروح للسوق تشتري حاجتك، مثل هذا لا يكون له فضل علينا، وهذا كثيرٌ في القرآن، وبيّن الله في سورة بني إسرائيل أنه سبب مانع من إيمانهم جميعاً حيث قال في سورة بني إسرائيل: {وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَن يُؤْمِنُواْ إِذْ جَاءهُمُ الْهُدَى إِلاَّ أَن قَالُواْ أَبَعَثَ الله بَشَراً رَّسُولاً} [الإسراء: آية 94] فجعلوا بعثة البشر من المحال، وقالوا: {أَبَشَراً مِّنَّا وَاحِداً نَّتَّبِعُهُ إِنَّا إِذاً لَّفِي ضَلاَلٍ وَسُعُرٍ} [القمر: آية 24] {مَا أَنتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُنَا} [يس: آية 15] {وَلَئِنْ أَطَعْتُم بَشَراً مِثْلَكُمْ إِنَّكُمْ إِذاً لَّخَاسِرُونَ} [المؤمنون: آية 34] {مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ} [الفرقان: آية 7] وقد بيّن لهم الله أن جميع الرسل من جنس الناس الذين يرسلون إليهم، كقوله: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مِّن قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجاً وَذُرِّيَّةً} [الرعد: آية 38] {وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِي إِلَيْهِم مِّنْ أَهْلِ الْقُرَى} [يوسف: آية 109] وهذه من نعم الله علينا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015