وإنما ذكر الساعة مع أنهم لا يتقدمون عنه بلحظة ولا يتأخرون؛ لأن عادة العرب أن يطلقوا الساعة في أقل الأوقات، مع أنهم لا يتأخرون لحظة ولا دقيقة {وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ} عن الوقت المضروب لذلك الإهلاك.

{يَا بَنِي آدَمَ إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي فَمَنِ اتَّقَى وَأَصْلَحَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ (35)} [الأعراف: آية 35] قرأ هذا الحرف عامة القراء غير أبي عمرو {يا بني آدم إما يأتينكم رُسُلٌ منكم} بضم السين والراء، وقرأه أبو عمرو: {يا بني آدم إِما يأتينكم رُسْلٌ منكم} بسكون السين. وتخفيف (الفُعُل) بإسكان العين قراءة معروفة ولغة مشهورة، كما تقول العرب: كُتُب وكُتْب، ورُسُل ورُسْل (?).

لما أخرج الله آدم من الجنة بَيَّنَ لذريته أن الجنة بعد أن أُخرج منها آدم وحواء لا يمكن أن يدخلها أحد إلا بعد تكاليف ومشاق، وأخبرهم أنه سيرسل لهم الرسل بالأوامر والنواهي، فمن أطاع أمره واجتنب نهيه واتبع رسله أدخله جنته وَرَدَّهُ إلى الوَطَنِ الأوَّل، ومَنْ كَفَرَ وعصى وتمرَّد أدْخَلَهُ النَّار وأخْلَدَهُ فيها والعياذ بالله.

{يَا بَنِي آدَمَ} يا أولاد آدم، والنون فيه محذوفة للإضافة، وأصل (البنين) من الملحق بالجموع المذكرة السالمة؛ لأنه ليس من الوصف ولا من العَلَم، ولا ينقاس جمع المذكر السالم إلا في الأوصاف والأعلام، فهذا من الملحقات به. {يَا بَنِي آدَمَ} معناه: يا أولاد آدم الذي استزَلَّه الشيطان بوساوسه وغروره من الجنة إلى دار

طور بواسطة نورين ميديا © 2015