الجواهر الستة هي التي تدور حولها المظالم. قال من قال هذا: الآية جاءت ناهية عن التعدي في جميع هذه الجواهر الست؛ لأن قوله: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ} هذا تَعَدٍّ على الأنساب؛ لأن الزنا سواءً كان ظاهراً أو باطناً تعدٍّ على أنساب الناس وتقذير لفرش الناس؛ لأنه إذا كثر الزنالم يدر هذا مَنْ أبوه، ولم تدر أم هذا مَنْ أبوه، فضاعت الصبيان، ولم يعرف لهذا أب، فاختلطت الأنساب، وتقذرت الفرش، وضاعت أخلاق المجتمع. وأن النهي عن الفاحشة هو ذَبٌّ عن الأنساب. وهذا معنى قوله: {مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ} [الأعراف: آية 33].

وأن قوله: {وَالْبَغْيَ} المراد به: العدوان والظلم، سواءً كأن عدوت على نفسه فقتلته، أو عدوت على ماله فأخذته، أو عدوت على عرضه فتناولت منه وقذفته. قالوا: والمراد بالإثم هنا: الخمر؛ لأنها هي التي تعدو على العقول. وقال الحسن: الإثم: الخمر (?). وكثير من علماء العربية يسمون الخمر إثماً. ولهم في ذلك شواهد كثيرة، وأشعار معروفة، منها قول الشاعر (?):

شربت الإثمَ حتى ضلَّ عقلي ... كذاكَ الإثمُ تذهبُ بالعقولِ

يعني: الخمر. وقال بعض العلماء: هدا البيت مصنوع. وبعضهم يقول: هو بيت عربي شاهد، ومنه قول الآخر (?):

نَشْرَبُ الإِثْمَ بِالصواعِ جِهَارا ... وَتَرَى المِسْكَ بَيْنَنَا مُسْتَعَارَا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015