ومعلوم أن الإشراك بالله لا ينزل به سلطان ألبتة، كقوله: {وَمَن يَدْعُ مَعَ الله إِلَهاًءَاخَرَ لاَ بُرْهَانَ لَهُ بِهِ} [المؤمنون: آية 117] فمعلوم أن الإله الثاني لا يكون به برهان ألبتة، وقد تقرَّر في علم الأصول (?) أن النص من الكتاب والسنة إذا جاء مبيناً للحقيقة الواقعة لا يكون له مفهوم مخالفة، والواقع أنهم يشركون بالله ما لم ينزِّل به سلطاناً، فجاءت الآية مبينة للحقيقة الواقعة ليكون النهي واقعاً على بيان الحقيقة الواقعة، وكذلك قوله: {لاَ بُرْهَانَ لَهُ بِهِ}.
{وَأَن تَقُولُواْ عَلَى الله مَا لاَ تَعْلَمُونَ} المصدران المنسبكان في قوله: {وَأَن تُشْرِكُوا} و {وَأَن تَقُولُواْ} في محل نصب عطف على {الفَوَاحِشَ} من عطف الخاص على العام (?).
{إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ} قوله: {مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ} بدل من الفواحش، أي: وحرّم الإثم والبغي بغير الحق، وحرم الشرك بالله، وحرّم القول على الله بلا علم.
وكان بعض العلماء يقول: هذا التكرار وعطف ما دخل فيما قبله عليه لحكمة، وهذه الحكمة بيانها وتفصيلها: أن مظالم الناس وتعدي بعضهم على بعض في دار الدنيا راجع إلى ستة أقسام، وهي أن يتعدى عليه في دينه، أو أن يتعدى على نسبه، أو أن يتعدى على عرضه، أو أن يتعدى على نفسه، أو أن يتعدى على ماله، فهي (?) ستة جواهر: الدين والنفس والنسب والعقل والمال والعرض. فهذه