وهذا كثير في كلام العرب - تسمية الخمر إثماً - ومنه قول الآخر (?):
نهانَا رَسُولُ الله أَنْ نَقْرَبَ الخَنَا ... وَأَنْ نَشْرَبَ الإِثْمَ الَّذِي يُوجِبُ الوِزْرَا
وقول الآخر (?):
وَرُحْتُ حَزِيناً ذَاهِلَ العَقْلِ بَعْدَهُمْ ... كَأَنِّي شَرِبْتُ الإِثْمَ أَوْ مَسَّني خَبَلُ
قالوا: فقوله: {الإِثْمَ} هو تحريم للخمر؛ لأنها هي التي تذهب العقول، فهو زجر عن إذهاب العقول ومحافظة على العقول. بقي الدين وحده؛ لأن الأنساب جاءت في النهي عن الزنا، والأنفس والأعراض والأموال جاءت في النهي عن البغي؛ لأنه ظلم على الإنسان في ماله أو نفسه أو عرضه. والمحافظة على العقول جاءت في تحريم الإثم وهو الخمر. على هذا القول بقي الدين والمراد بقوله: {وَأَن تُشْرِكُواْ بِالله مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً} [الأعراف: آية 33] لأن أعظم إفساد الدين الإشراك بالله، والقول في دين الله بلا علم، فهذا أعظم فساد الدين، قالوا: فعلى هذا تكون الآية الكريمة إنما تداخلت عطوفها وتكرَّرَتْ ليكون فيها الزَّجْرُ عن الأنفس، والزجر عن الأموال، والزجر عن الأعراض، والزجر عن الأنساب، والزجر عن العقول، والزجر عن الأديان. وقد علمنا من استقراء الكتاب والسنة أن الله (جل وعلا) في هذا التشريع الكريم الذي أنْزَلَهُ عَلَى هذا النبي الكريم صلى الله عليه وسلم بالغ في المُحَافَظَةِ على هذه الجواهر الست، بالغ على حفظ الدين كما قال صلى الله عليه وسلم: «مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ» (?)؛ محافظة على