وهو في اصطلاح الشرع (?): وضع العبادة في غير موضعها، وهو الشرك بالله. أو وضع الطاعة في غير موضعها، كطاعة إبليس، ومعصية الله. وقد جاء الظلم في القرآن في موضع واحد يُراد به النقص (?) وهو قوله تعالى: {كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئاً} [الكهف: آية 33] يعني أي: ولم تنقص منه شيئاً. وهذا معنى قوله: {فَمَا كَانَ دَعْوَاهُمْ إِذْ جَاءهُمْ بَأْسُنَا إِلاَّ أَن قَالُواْ إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ (5)} [الأعراف: آية 5] أي: واضعين الشيء في غير موضعه حيث كنا نضع الاتباع في غير موضعه، فنتبع قانون الشيطان ونترك اتباع ما أنزل الله، ونطيع الشيطان ونعصي (?) أمر الله. فهم متبعون ما لا ينبغي أن يُتبع، وتاركون ما ينبغي أن يُتبع، فقد وضعوا الأمر في غير موضعه، وأوقعوه في غير موقعه، وذلك معنى الظلم في لغة العرب. ولذا قال: {قَالُواْ إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ (5)}.
وفي الآية التي ذكرنا إشكال معروف وسؤال مشهور عند العلماء، وهو الفاء في قوله: {فَجَاءهَا بَأْسُنَا} (?)؛ لأن المعروف في لغة العرب: أن الفاء حرف تعقيب، وأن ما بعدها آتٍ بعد ما قبلها؛ لأنك لو قلت: جاء زيد فعمرو. معناه: أن عَمْراً جاء بعد مجيء زيد، عقبه. والقرآن هنا قال: {وَكَم مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا فَجَاءهَا بَأْسُنَا} فجعل مجيء البأس كأنه واقع عقب الإهلاك، ومجيء البأس ليس واقعاً عقب الإهلاك، بل مجيء البأس هو عين الإهلاك، فالتعقيب بالفاء