وَصَاحِبِ صِدْقٍ لمْ تَرُبْنِي شَكَاتُهُ ... ظَلَمْتُ وفي ظَلْمِي لَهُ عَامِداً أَجْرُ
ورواية البيت: (ظَلمي) بفتح الظاء، من (ظَلَمَه، يَظْلِمُه، ظَلْماً) لأن (الفَعْل) بالفتح والسكون، هو قياس مصدر الثلاثي المعدّى. أما الظُلم -بضم الظاء- فهو اسم مصدر الظَلم المعروف. والرواية في البيت:
وَصَاحِبِ صِدْقٍ لمْ تَرُبْنِي شَكَاتُهُ ... ظَلَمْتُ وفي ظَلْمِي لَهُ عَامِداً أَجْرُ
ومنه قيل للأرض التي حُفر فيها وليست موضعاً للحفر قيل: مظلومة؛ لأن الحفر وُضِعَ في غير موضعه، ومنه على التحقيق قول نابغة ذبيان (?):
وَقَفْتُ فِيهَا أُصَيْلالاً أُسَائِلُهَا ... عَيَّتْ جواباً وَمَا بِالرّبْعِ مِنْ أَحَدِ
إِلاَّ الأَوَاريَّ لأْياً مَا أبَيِّنُها ... والنُّؤي كالحوضِ بالمظْلُومَةِ الجَلَدِ
النؤي هنا: يريد به ما يحفره الأعراب -البدو- حول خيامهم لِئَلا يجترفها السيل، فيحفرون حولها حفيراً يذهب معه الماء عن الخيمة، وإنما قال: إن هذه الأرض مظلومة؛ لأنها فلاة ليست محلاّ للحفر سابقاً؛ ولذا قيل للتراب المحفور من القبر (ظليم) أي: مظلوم؛ لأن العادة أنه لا يُحفر قبر في محل هو محل لحفر سابقاً؛ ومنه بهذا المعنى قول الشاعر يصف رجلاً جُعل في قبره (?):
فَأَصْبَحَ فِي غَبْرَاءَ بَعْدَ إِشَاحَةٍ ... مِنَ العَيْشِ مَرْدُودٌ عَلَيْهَا ظَلِيمُهَا
وأمثال هذا في لغة العرب كثيرة، أصل الظلم: وضع الشيء في غير موضعه.