الاختصار والإيجاز واقعاً موقعه؛ لأن الفاعل معروف، فلو حُذف لما ضر حذفه؛ ولذا قال: {كِتَابٌ أُنزِلَ إِلَيكَ} أي: أنزله الله إليك. وقد أنزله الله إليه أنجماً، منجماً في حوالي ثلاث وعشرين سنة.

وقوله: {فَلاَ يَكُن في صَدرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ} يعني: هذا الكتاب أنزله الله إليك لتنذر به وذكرى للمؤمنين، فاللام في قوله: {لِتُنذِرَ} - الآتي- يتعلق بقوله: {أُنزِلَ} (?) يعني: أُنزل إليك لأجل أن تُنذر به وأن تُذكر به، فلا تعجز عن ذلك الإنذار، ولا يضق صدرك عنه.

{فَلاَ يَكُن في صَدرٍكَ حَرَجٌ مِنْهُ} صدر الإنسان معروف، وإذا جاء على الإنسان أمر يثقل عليه أو يشق عليه أورثه ضيقاً في صدره، والنبي صلى الله عليه وسلم كان يشق عليه ويضيق بصدره التبليغ من حيث إن الكفار يكذبونه ويقولون له: أنت كذاب، أنت ساحر، أنت شاعر، أنت كاهن، هذه أساطير الأولين عَلَّمَكَها بشر، فتكذيبهم له وأذيتهم له يشق عليه، كما قال الله: {وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ (97)} [الحجر: آية 97] وقال: {قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيُحْزِنُكَ} [الأنعام: آية 33] وفي القراءة الأخرى: {لَيَحزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ} (?) أي: {فَلاَ يَكُن فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ} أي: ضيق. يعني: أَوْسِع صدرك، وتحمل الأذى، وشُقَّ الطريق في تبليغ هذا القرآن العظيم، والإنذار به، والتذكير به، لا تضعف، ولا تجبن، ولا تخف من الأذى، ولا يضق صدرك به.

والحرج في كلام العرب أصله: الضيق (?)، وقد يُسمون الشجر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015