فرجها بحلقة لئلا يُنْزَى عليها الذكر فتحمل، وكان يقول الشاعر يهجو بني فزارة من قبائل ذبيان من قيس عيلان بن مضر، كانت العرب تعيرهم بأنهم كانوا يفعلون الفاحشة مع إناث الإبل، وكان الشاعر يقول (?):
لاَ تَأْمَنَنَّ فَزَارِيًّا خَلَوْتَ بِهِ ... عَلَى قُلُوصِكَ وَاكْتُبْهَا بِأَسْيَارِ
يعني: خِط فرجها بأسيار لئلا يزني بها إن خلا بها، وقصدنا بهذا الكلام الخبيث بيان لغة العرب، لا المعاني الخسيسة التافهة؛ لأن معاني لغة العرب يُسْتَفَاد منها ما يعين على فهم كتاب الله وسنة رسوله، وإن كان مُفْرَغاً في معاني خسيسة تافهة فنَحْنُ نَقْصِدُ مُطْلَق اللّغَة لا المعاني التافهة التي هي تابعة لها. إذا عرفتم هذا فالْكِتَابة مصدر سيال، سُميت كتابة؛ لأن الكاتب يضم حرفاً إلى حرف، ويجمع حرفاً مع آخر، وحرفاً مع آخر، حتى تحصل من هذا نقوش وحروف تدل على معاني الكلام؛ ولهذا سُمِّيَ الكتاب كتاباً.
وقوله: {أُنُزِلَ إِليْكَ} الجملة الفعلية في قوله: {أُنزِلَ إِليْكَ} في محل النعت لقوله: {كِتابٌ} لأن (?) النكرات تُنعت بالجمل، ويربط بينها وبين النكرة بالضمير كما هو معروف. وفاعل الإنزال محذوف، والأصل: أنزله الله إليك، وإنما حذف الفاعل اختصاراً؛ لأن من المعلوم أن هذا القرآن العظيم المُعجز الجامع لكل خير، الشامل لعلوم الأولين والآخرين ليس هناك من يقدر على إنزاله إلا خالق السماوات والأرض. ولما كان المُنْزِل معلوماً كان هذا