الملتف الذي لا تصل إليه راعية يسمونه: (حَرَجَة) لضيق مكانه، وقد كانوا يقولون في قصة غزوة بدر: «فإذا أبو جهل كالحَرَجَة» -يعني لشدة ازدحام قريش عليه وصيانتهم له- يقولون: أبو الحكم لا يُخلص إليه (?) كالشجرة الملتف عليها الشجر لا يمكن أن يُوصل لها، هذا أصل (الحرج) في لغة العرب الضيق، وقد بَيَّنَّاه في قوله: {يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً} [الأنعام: آية 125]، ومنه قوله: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج: آية 78] أي: ما جعل عليكم من ضيق، وأحرجه: أوْقَعَهُ في الحَرَج؛ ولذا سُميت الطلقات الثلاث (المُحَرِّجَات) لأنها تُضَيِّق على صاحبها وتمنعه مِنْ رَجْعَةِ امْرَأته، واليمين قد تكون مُحَرِّجة؛ لأنها تمنع من المحلوف عليه، وهذه المعاني معروفة في كلام العرب، ومنه قول عمر بن أبي ربيعة، أو جميل بن معمر، على الخلاف المعروف في الشعر المشهور (?):
قَالَتْ: وَعَيْشِ أَبِي وَحُرْمَةِ إِخْوَتِي ... لأُنَبِّهَنَّ الحَيَّ إِنْ لَمْ تَخْرُجِي
فَخَرَجْتُ خَوْفَ يَمِينِهَا فَتَبَسَّمَتْ ... فَعَلِمْتُ أَنَّ يَمِينَهَا لَمْ تُحْرَجِ
أنها يمين ليست مضَيّقة، وأنها كلا شيء. وكذلك قول العَرْجِي بن عمر بن عثمان (?):