بعض، كما قال نابغة ذبيان (?):
وَلاَ عَيْبَ فِيهِمْ غَيْرَ أَنَّ سُيُوفَهُمْ ... بهِنَّ فُلُولٌ مِنْ قِرَاعِ الْكَتَائِبِ
ولذلك قيل للخياطين: (كاتبين) فالعرب تسمي الخائط كاتباً، وتسمي الخياطة كتابة؛ لأن الخياط يضم أطراف الثوب بعضها إلى بعض، وكذلك الخَرَّاز تسميه العرب كاتباً؛ لأنه يضم بعض أطراف الجلد إلى بعض ويخرزها فيجمعها بالسير، فقيل له: كاتب؛ لأنه ضم بعض الأجزاء إلى بعض. وفي لُغَز الحريري في مقاماته (?):
وَكَاتِبِينَ وَمَا خَطَّتْ أَنَامِلُهُمْ ... حَرْفاً وَلاَ قَرَءُوا مَا خُطَّ فِي الْكُتُبِ
يعني بهم الخياطين؛ ولذا تسمي العرب الخُرْزَة الذي يجمع السير وجهيها تسميها (كُتبة) وتسمي السير أيضاً الذي يجمعها (كُتبة) (فُعلة) من الكَتْب بمعنى الضم والجمع، ومن هذا المعنى وهو تسمية الخُرْزَة التي يجمع السير طرف وجهيها في خياطة الجلود أنها تسمى (كُتْبة) وتجمع على (كُتَب) بضم الكاف وفتح التاء، ومن هذا المعنى: قول غيلان ذي الرمة (?):
مَا بَالُ عَيْنَيْكَ مِنْهَا المَاءُ يَنْسَكِبُ ... كَأَنَّهُ مِنْ كُلى مَفْرِيَّةٍ سَرَبُ ...
وَفْرَاءَ غَرْفيَّةٍ أَثْأَى خَوَارِزهَا ... مُشَلْشَلٌ ضيَّعَتْهُ بَيْنَهَا الكُتَبُ
يعني أن دمعه يسيل بِكَثْرَةٍ؛ كما أن الخُرَز إذا اتَّسَعَتْ عَنِ السَّير وصارت فيها فجوات انْصَبَّ الماءُ مِنْهَا من السّقاء بكثرة؛ ولذا كانت العرب تقول: «اكْتُب بغْلتك، واكْتُب ناقتك» يعنون: أن يجمع طرفي