بوحيه صعق أهل السماوات من عظمة كلام رب العالمين (جل وعلا) كما جاء مبيناً في الأحاديث الصحيحة (?)، وأول من يرفع رأسه منهم جبريل، فيقولون: ماذا قال ربكم؟ قالوا: الحق وهو العلي الكبير. فيسمعه جبريل من كلام رب العالمين، يتكلم به الله على الوجه اللائق بكماله وجلاله، المخالف لكلام خلقه من جميع الجهات، ثم يأتي جبريل فيكلم به الرسول صلى الله عليه وسلم. وأنواع الوحي بَيَّنَهَا النبي صلى الله عليه وسلم في الأحاديث بكثرة.
ولما كان هذا القرآن مكتوباً في اللوح المحفوظ، وفي الكتب عند الملائكة سُمِّي الكِتَاب. وقال الله فيه هنا: {كِتَابٌ أُنزلَ إِلَيكَ} والكتاب (فِعَال) بمعنى (مفعول)، أي: مكتوب، وإتيان (الفِعَال) بمعنى (المفعول) مسموع في كلام العرب وليس قياساً مُطَّرِداً، وتوجد في العربية منه أوزان معروفة، ككتاب بمعنى: مكتوب، وإله بمعنى: مألوه، أي: معبود، ولباس بمعنى: ملبوس، وإمام بمعنى: مؤتم به. فكلها (فِعَال) بمعنى اسم المفعول.
وأصل مادة الكاف والتاء والباء (كتب) في لغة العرب التي نزل بها القرآن معناها الضم والجمع (?)، فكل شيء ضممت بعض أجزائه إلى بعض فقد كَتَبْتَهُ، ومنه قيل للكبكبة من الجيش: (كتيبة) لأنها طائفة من الجيش جُمع بعض أطرافها إلى