احتجتُ مرّةً إلى أحد الأصدقاء كي يسعفني في صيانة بعض الأجهزة الالكترونية، ثمّ إني تأخرت في استعادتها بعد تمام الصيانة مما دعاه إلى الاتصال بي ليقول بكلّ حدّة: "إن لم تحضر الآن لاستلامها فسأمنعك من استعادتها لاحقاً"!
فمضيت ذاهباً إليه - والله يعلم ما يلمّ بي من ضائقة تمنعني من الحضور في ذلك الوقت - واستعدتها وشكرته، ثمّ أرسلت بعد هنيهة على هاتفه: (إني لا أفهم الغرض المنشود وراء تصرفك بهذه الحدّة؟
ولكن العرب كانت تقول: "إذا عزّ أخوك فهن"!
كيف إذاً وأنت أخٌ عزيز، ومسكٌ وإبريز).
فلمّا كان من اليوم التالي - اتّصل بي واعتذر عمّا بدر منه بالأمس، وحينها - فقط - علمت بأنّ عتابي قد تكلل بالنجاح.
إنّ أبرز نتائج العتاب وأولاها (الاعتذار)، وهل العتاب إلا وسيلة لجلب الاعتذار؟
يطالب كثيرٌ من علماء الاجتماع - وخبراءِ فنونِ التعامل - بعدم إلجاء الآخرين إلى الاعتراف بأخطائهم تجاهنا، وهذه مطالبة تخالف طباع البشر السويّة، فكانوا كمن يتطلب في الماء جذوة اللهب!